الجَدُّ في الجدِّ والحِرمانُ في الكَسَلِ * * * فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأملِ
واصبرْ على كلِّ ما يأتي الزَّمانُ بهِ * * * صبرَ الحُسامِ بكفِّ الدّراعِ البَطَلِ
وجانبِ الحرصَ والأطماعَ تحظَ بما * * * ترجو من العزِّ والتأييدِ في عَجَلِ
ولا تكونَنْ على ما فاتَ ذا حَزَنٍ * * * ولا تظلَّ بما أُوتيتَ ذا جَذَلِ
واستشعرِ الحِلمَ في كلِّ الأمورِ ولا * * * تُسرع ببادرةٍ يوماً إلى رجلِ
وإنْ بُليتَ بشخصٍ لاَ خَلاقَ لهُ * * * فكُنْ كأنَّكَ لمْ تسمعْ ولمْ يَقُلِ
ولا تُمارِ سفيهاً في مُحاورَةٍ * * * ولا حليماً لكيْ تنجو منَ الزَّلَلِ
وَلاَ يغرَّنكَ منْ يُبدي بشاشَتَهُ * * * إليكَ خِدعاً فإنَّ السُّمَ في العَسَلِ
وإنْ أردتَ نَجاحاً أو بلوغَ مُنىً * * * فاكتُمْ أمورَكَ عن حافٍ ومُنتعلِ
إنَّ الفتى من بماضي الحَزْمِ مُتَّصفٌ * * * وَمَا تعوّدَ نقصَ القولِ والعملِ
وَلاَ يقيمُ بأرضٍ طابَ مسكنُها * * * حتى يقدَّ أديمَ السَّهلِ والجَبَلِ
وَلاَ يضيعُ ساعاتِ الزَّمانِ فلنْ * * * يعودَ مَا فاتَ مِنْ أيامهِ الأولِ
وَلاَ يُراقِبُ إلاَّ مَنْ يُراقِبُهُ * * * وَلاَ يُصاحبُ إلاَّ كلَّ ذي نُبُلِ
وَلاَ يعدُّ عُيوباً في الوَرَى أبداً * * * بل يعتني بالذَّي فيهِ من الخَلَلِ
وَلاَ يظُنُّ بهمْ سُوءاً وَلاَ حَسَناً * * * بل التجاربُ تَهديهِ عَلَى مَهَلِ
وَلاَ يُؤَمِّلُ آمالاً بصبحِ غدٍ * * * إلاَّ على وَجَلٍ من وثبةِ الأجلِ
وَلاَ يَصدُّ عن التقوى بصيرتَهُ * * * لأنها للمعالي أوضحُ السُّبُلِ
فمنْ تكنْ حُللُ التقوى ملابسَهُ * * * لمْ يخشَ في دهرهِ يوماً من العَطَلِ
مَنْ لمْ يصنْ عِرضَهُ مما يُدَنِّسهُ * * * عارٍ وإن كانَ مغموراً منَ الحُلَلِ
مَنْ لم تُفدهُ صُروفُ الدهر تجربةً * * * فيما يحاولُ فليرعى مع الهَمَلِ
مَنْ سالَمتهُ الليالي فليثِقْ عَجِلاً * * * منها بحَرْبِ عدوٍّ جاءَ بالحِيَلِ
منْ ضيَّعَ الحَزْمَ لم يظفرْ بحاجتِهِ * * * ومنْ رمى بسهامِ العُجْبِ لمْ ينَلِ
منْ جادَ سادَ وأحيا العالمونَ لهُ * * * بديعَ حمدٍ بمدحِ الفِعلِ مُتَّصِلِ
منْ رامَ نيلَ العُلى بالمالِ يجمعُهُ * * * من غيرِ جُودٍ بُلي منْ جهلهِ وَبُلي
منْ لمْ يصُنْ نفسَهُ ساءَتْ خليقتُهُ * * * بكلِّ طَبْعٍ لئيم غيرِ مُنتَقلِ
منْ جالسَ الغاغَة النُّوكَى جَنَى نَدَماً * * * لنفسهِ ورُمي بالحادثِ الجَلَلِ
فخُذْ مقالَ خبيرٍ قد حَوى حِكَماً * * * إذ صغتُها بعدَ طولِ الخُبر في عَمَلي