هل تتحولين صيفاً إلى كائن ليلي؟
في الصيف ومع انتهاء العام الدراسي تتحول الكثير من الزهرات إلى كائنات ليلية كسولة، تنام النهار كله وتستيقظ الليل كله..إلى مطلع الفجر وإشراق الشمس، فتمر أيام الصيف الطويلة من بين يديها كالسراب.
إذ لم يكن لها فيها هدف محدد وواضح تسعى لتحقيقه خلال فترة الإجازة الصيفية، أو كان لديها بعض الأهداف ولكن أقعدها عنها الكسل وإيثار الراحة والاسترخاء.
ولكن مع مطلع هذا الصيف سنبدأ معاً هذه المحاولة الجادة في التخلص من هذه العادة السيئة "الكسل وكثرة النوم"، واكتساب عادات النشاط والحيوية.
فتاة الإسلام لا تعرف الكسل:
الفتاة المؤمنة التي شرفها الله تعالى بالإسلام تكون بين الناس منارة هدى، لا يخبو ضوؤها، وشعلة نشاط لا تمل ولا تكل من فعل الخيرات، تربأ ينفسها عن كل ما يشين من الصفات، وإنّ الكسل لوصف ذميم في حق الجميع وهو في حق الفتاة أشد قبحاً؛ لأنها في مرحلة تدريب على مهام عظام، وتولي مسؤوليات جسام، مثل الزواج والأمومة وإعداد النشيء الصالح الذي تزداد الأمة به عزة وتقدماً.
والفتاة التي تؤثر الكسل والخمول يفوتها تعلم أبجديات هذه المهام، فإذا تزوجت على هذا الحال فقد لا يحالفها النجاح في أداء مهامها، لأن الكسل يكون قد أصبح عادة راسخة في شخصيتها، بعد أن فوّت عليها الكثير في مطلع حياتها.
وكفى بالكسل قبحاً أنه لم يذكر في كتاب الله إلا صفةً للمنافقين، قال الله تعالى:" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً " – النساء: 142-.
وكفى بالنشاط فخراً أنه لم يذكر في كتاب الله تعالى؛ إلا صفةً للمرسلين وأهليهم الصالحين، قال تعالى:" وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ " - الأنبياء89،90.
والشاهد أنهم كانوا أصحاب سرعة ونشاط لا يتوانون عن فعل الخيرات، والكسول النؤوم لا يقدر على ذلك.
إنّ الكسل قرين العجز والبطالة، لذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتعوذ بالله تعالى منه كل صباح ومساء : " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" رواه البخاري.
أضرار الكسل:
1- الكسل دليل هوان النفس:
إنّ الإنسان في هذه الحياة إذا ركن إلى الراحة والدعة والخمول: هان على نفسه وعلى الآخرين، فالكسل حلقات متتالية، فمن كسل عن شيء؛ جره ذلك إلى الكسل عن آخر وثالث ورابع، حتى يلتحق بالأموات وهو يمشي على الأرض.
و ديننا العظيم يربى المسلمين على استقباح الكسل ومدافعته بكل سبيل، وعلى شرف النفس وعدم الاعتماد على الناس، قال صلى الله عليه وسلم :"..شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزّه استغناؤه عن الناس" حسنه الهيثمي في المجمع، والمنذري في الترغيب والألباني في صحيح الجامع.
2-وهو من كيد الشيطان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب على كل عقدة : عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة. فإن توضأ انحلت عقدة. فإن صلى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطا طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان". رواه البخاري ومسلم .
- وقد يؤدي الاستسلام للكسل وكثرة النوم إلى البلادة ضعف الذهن، كما يضعف الذاكرة، لأنّ القدرات الذهنية والذاكرة مثل البدن تنشط بكثرة المران وتتبلد بالخمول والكسل.
- كما يتعرض الشخص الكسول قليل الحركة إلى الكثير من الأمراض مثل: أمراض الرفاهية وفي سن مبكرة كالسكري وارتفاع الضغط وأمراض القلب والشرايين والسمنة، والتقليل من حركة الأمعاء الذي يؤدي على الإصابة بالإمساك المزمن .
عدّلي سلوكيات النوم:
- أفضل قاعدة في التعامل مع النوم عرفها الإنسان هي: نم مبكراً واستيقظ مبكراً.
- النوم الطبيعي يتفاوت من شخص لشخص، فالبعض لا تكفيه إلا ثماني ساعات، ولكن هناك الكثير من الأشخاص الناجحين تكفيهم أربع: ست ساعات فقط من النوم.
- ثبت علمياً أن أفضل أوقات النوم ما كان بعد صلاة العشاء، وأن الساعة من النوم في أول الليل تعادل ساعتين من آخره ولا يقوم مقامها ساعات من نوم النهار.
- خلق الله النوم وقهر العباد عليه لراحة أبدانهم وتجديد قواهم، ولم يكن النوم أبداً هدفاً لذاته.
- لا تكوني من الذين يقضون أغلب حياتهم في الفراش؛ بل اذهبي إلى الفراش عند الحاجة إلى النوم، وغادريه بمجرد أن تستيقظي.
- تذكري أنّ النوم يجلب النوم و الكسل يجلب الكسل.
ومن الطعام ما يولّد النشاط ويطرد الكسل:
من الأطعمة والمشروبات ما يشعل النشاط والحيوية ويطرد عنك الخمول والكسل وكثرة النوم، مثل:
- اللبن: في الصباح تناولي كوب من اللبن المحلى بعسل النحل.
- الليمون :قطعي 3 ثمرات ليمون و قومي بغليها في الماء، ثم تناولي منه كوب دافيء يومياً محلى بعسل النحل.
- عسل النحل الطبيعي حين يشرب مخففا بالماء يعطى الجسم طاقة كبيرة ويقضي على شعورك بالكسل .
- نوعي طعامك واجعلي أكثره نباتياً من الفواكه والخضراوات الطازجة، وتجنبي الإكثار من الأطعمة الدسمة، فإنها تبعث الشعور بالكسل والرغبة في النوم.
والآن هيا نطرد الكسل ونرحب بالنشاط والحيوية:
ابدئي فوراً في التغيير، واعلمي أن الشخص الطبيعي يحتاج إلى ثلاثة أسابيع كفترة مناسبة للتخلص من عادة قديمة واكتساب عادة جديدة.
وإليك هذه الوصايا المهمة التي تعينك على التخلص من عادة الكسل واكتساب عادات النشاط والحيوية:
- حافظي على تطبيق هدي النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، بما في ذلك الوقت والهيئة والذكر قبله.
- استخدمي المنبه لتحافظي على مواعيد نوم واستيقاظ ثابتة خلال أيام الأسبوع.
- اجعلي صلتك بالله تعالى قوية ودائمة، فهو أمر يثير الشوق له و الخشية منه سبحانه، و يغير أهداف المرء ووجهته، وتلقائيا ستتغير نظرتك لكل شيء و تتأقلم وظائف جسمك، كما تحول الصحابة الكرام من حال لحال، فهم خير مثال يحتذى لمن كان نائما فاستيقظ حتى توفاه الله.
- اقرئي في سير الناجحين، وتأملي كيف كانوا لا يستسلمون لأوضاع الاسترخاء والكسل،
فكان الإمام النووي رحمه الله يتجنب الاتكاء على الفراش اللين لكي لا يغفو و يتكاسل.
بل و يتجنب أكل الرطب من الطعام لكي لا يكسل!
وهذه الأمور وإن كانت غير واجبة؛ إلا أنها توضح حرص أهل النجاح والصلاح في شتى العصور على طرد الكسل ومدافعته.
- عودي نفسك على الهمة و العزيمة عند الاستيقاظ، بحيث تنهضين من فراشك من أول مرة، وليس على مراحل.
- ابدئي بذكر الله تعالى عند الاستيقاظ مباشرة ثم الوضوء فالصلاة؛ فإن ذلك يساعدك كثيرا في الانتباه، و يحل عنك عُقد الشيطان، فتصبحي طيبة النفس.
- املئي يومك بالأعمال النافعة التي خططت لها مسبقاً، ولا تسمحي لنفسك أن يتسرب يومك وأنت ساهية، فقد كره ذلك العقلاء والصالحون، عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:" إني لأكره أن أرى الرجل فارغا، لا في عمل الدنيا، ولا في عمل الآخرة" .
وأخيراً: ابنتي:
لقد بدأ الصيف فلتشرقي معه كالشمس الطالعة.. تهب النور والدفء بأمر ربها للجميع، ولا تعرف الكسل ولا تتأخر يوماً عن عملها.