إن من المسلمين أصنافاً يحبهم ربهم وينزل عليه رضاه
فيا فرحة المحبوبين عند ربهم ويا سعادتهم عند لقائه،
فإننا إذا قلبنا النظر في كتاب الله- جلّ وعلا- وتدبرنا آياته سبحانه وتعالى
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
لعرفنا من هم الذين يستحقون محبته فيحبهم وتحبهم ملائكته، ويجعل لهم القبول في الدنيا
لما روي عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
« إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل
في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض »
[رواه الإمام البخاري]
.
فصفات المحبوبين عند الله والمقربين إليه كثيرة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
فنذكر منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر ما يلي فالله تعالى يجب من عباده:
1- التوابين:
قال تعالى: { فمن تاب من بعد ظُلمه وأصلح فإنَّ الله يتوب عليه إنَّ الله غفورٌ رحيم } [المائدة:39].
وقال تعالى: { كتب ربُّكم على نفسه الرَّحمة أنَّه من عمل منكم سُوءًا بجهالة ثُمَّ تاب من بعده وأصلح فأنَّه غفورٌ رحيم } [الأنعام:54].
وقال تعالى: { إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يُبدِّلُ الله سيِّئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رَّحيماً }
[الفرقان:70]
وعن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه » [رواه مسلم]
ودليل محبة الله تعالى للتوابين
قوله تعالى: { إنَّ الله يُحبُّ التَّوابين ويُحبُّ المُتطهِّرين } [البقرة:222]
وقد ذكر أهل العلم للتوبة شروطاً هي:
1- أن تكون التوبة خالصة لله- عزّ وجلّ.
2- الندم على ما فات من الذنوب.
3- الإقلاع عن المعصية فوراً فلا تصح التوبة مع الإصرار على المعصية.
4- العزم على عدم العودة إلى المعصية في المستقبل.
5- أن تكون التوبة قبل انتهاء وقتها أي قبل طلوع الشمس من مغربها وقبل حضور الأجل.
6- إذا كانت المعصية متعلقة بالعباد كاغتصاب الأموال مثلاً فيجب إعادة الحقوق إلى
أصحابها وإن كانت المعصية غيبة أو نميمة أو ما شابه ذلك فيجب الإستبراء منهم
والدعاء لهم في ظهر الغيب وذكر محاسنهم في المجالس التي ذكرهم بسوء فيها.
2- المتبعون لسنة النبي صلى الله عليه وسلم:
وهم الذين يقتفون أثر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك باتباعه في جميع شئون حياتهم من مأكل
ومشرب وملبس وهيئة وعبادة وعلاقات اجتماعية وأسرية والمتأمل في
سيرته صلى الله عليه وسلم ليجد بغيته في مواجهة هذه الحياة وما فيها من
فرح وحزن وسرور وكدر
روى أنس- رضي الله عنه- أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر
فقال بعضهم: لا أتزوج النساء وقال بعضهم: لا آكل اللحم وقال بعضهم: لا أنام على فراش فحمد الله
وأثنى عليه فقال: « ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء
فمن رغب عن سنتي فليس مني » [رواه مسلم]
ودليل محبة الله تبارك وتعالى لمن يتبع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
قوله تعالى: { قُل إن كنتم تُحبُّون الله فاتَّبعوني يُحْبِبْكُمُ الله ويغفر لكم ذُنُوبَكُمْ واللهُ غفورٌ رحيم } [آل عمران:31].
3- المقسطون:
وهم: العادلون في جميع شئونهم مع أنفسهم ومع غيرهم ودليل محبة الله تعالى لهم
قوله تعالى: { لا ينهاكم الله عن الَّذين لم يُقاتلوكم في الدِّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم
وتُقسطوا إليهم إنَّ الله يُحِبُّ المُقسطين } [الممتحنة:8].